الأمانة: بروفيسور سُمية الزعبوط

الأمانة 

الأمانة خلق عظيم وهي فريضة حملها الإنسان ، في حين رفضت السماوات والأرض والجبال أن يحملنها لثقلها ، وفي ذلك قال تعالى في سورة الأحزاب آية رقم (72) ﴿ إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ... ﴾ صدق الله العظيم ، إذ أمر الله بأداء الأمانة فقال تعالى في سورة النساء آية رقم (58) ﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا... ﴾ صدق الله العظيم   

أن تكون أمينًا يعني أن تُؤدي الحقوق إلى أهلها وأن تحافظ على حقوق الآخرين، أن تكون أمينًا يعني أن تحافظ على أعضائك من الحرام وأن ترد الودائع لأهلها ، وأن تؤدي حق الله تعالى في عبادته.

وللأمانة أشكال وصور متعددة منها: الالتزام بفروض الله وتكاليفة، المحافظة على أعضائك فلا تستعملها فيما يُغضب الله، لأن عينيك أمانة فينبغي أن تغض البصر عن الحرام، وأذنيْك أمانة، فينبغي أن تُجنب أذنيك سماع الحرام وما يُغضب الله، ويديْك أمانة فينبغي أن لا تمدّ يدك إلى ما ليس لك، وهكذا ينطبق على أعضائك كافة.

ومن صور الأمانة أن تُؤدِ الودائع لأصحابها عندما يطلبونها ، فقد كان المشركون يتركون ودائعهم عند رسول الله صلّ الله عليه سلم ليحفظها لهم، إذ عُرِفَ بصدقه وأمانته فقد كانوا يلقبونه قبل بعثته بالصادق الأمين ، فحين هاجر رسول الله صلّ الله عليه سلم من مكة إلى المدينة المنورة، ترك الودائع التي كانت عنده  إلى علي بن أبي طالب ليسلمها لأصحابها.

ومن صور الأمانة أيضًا الأمانة في العمل ، إذ ينبغي على الإنسان أن يتقن عمله ويُؤديه بإخلاص، وحين يتكلم الإنسان ينبغي عليه أن يختار الكلام الطيّب الذي يُقربه من الله عز وجل، وينبغي أن يحفظ أسرار الآخرين ففي ذلك أمانة ، وأيضًا ينبغي على البائع أن يكون أمينًا لا يغشُ ولا يخون، وقد مرّ رسول الله صلّ الله عليه وسلم برجل يبيعُ طعامًا فأدخل يده في الطعام فوجده مبلولاً فقال: " ما هذا؟ قال البائع: أصابته السماء ( ماء المطر) يا رسول الله، فقال رسول الله صلّ الله عليه وسلم: " أفلا جعلته فوق الطعام ليراه الناس؟ من غشّ فليس مني" رواه مسلم

وهنا يٌمكن القول إذا التزم الناس بالأمانة، يأتيهم الخير من حيث لا يعلمون، وتَعُمّ المحبة قلوبهم، وتستقيم معيشتهم وحياتهم في الدنيا، وينالون رضا الله عز وجل في الآخرة .

   دمتم بخير..... أختكم أ. د سُميّة الزعبوط

 أعضائكالأعضاء،