العفو
(8)
العفو هو أن تعفو عن خطأ الآخر ، ولا تعاقبه
على خطئه، إنما تتجاوز خطأه وزلّته،
وتسامح مرتكب الخطأ في حقك، إذ يعفو الله عز وجل عن ذنوب التائبين ، ويغفر
لهم، وقد قال رسول الله صلّ الله عليه وسلم: " اللهم إنك عفوّ تُحب العفو
فاعف عنّا" رواه الترمذي. وقيل لرسول الله صلّ الله عليه وسلم: ادعُ على
المشركين، قال: إني لم أُبعثْ لعّانًا، وإنما بُعِثْتُ رحمة" رواه مسلم.
وحين طلب أحد الصالحين من خادم له أن يُحضر
إليه الماء ليتوضأ، وجاء الخادم بماء، وكان الماء ساخنًا، فوقع من يد الخادم على
الرجل، فقال الرجل الصالح وهو غاضب: أحرقتني، وأراد أن يُعاقبه، فقال الخادم: يا
معلم الخير ومؤدب الناس، ارجع إلى قول الله تعالى، قال الرجل الصالح: وماذا قال
تعالى؟ قال الخادم: لقد قال تعالى : ﴿ والكاظمين الغيظ... ﴾ قال الرجل الصالح: كظمتُ غيظي.
قال الخادم قال تعالى : ﴿... والعافين
عن الناس...
﴾
قال الرجل الصالح: عفوتُ عنك.
قال الخادم : قال تعالى ﴿... والله يحب المحسنين ﴾ قال الرجل
الصالح: أنت حرٌّ لوجه الله.
وذات يوم كان رسول الله صلّ الله عليه وسلم
نائمًا في ظل شجرة، فإذا برجل من الكفار يهجم عليه، وهو ماسك بسيفه ويوقظه ،
ويقول: يا محمد، من يمنعك مني؟ قال رسول الله صلّ الله عليه وسلم بكل هدوء: "
الله"، فاضطرب الرجل وارتجف ، وسقط السيف من يده، فأمسك رسول الله السيف ،
وقال للرجل: ومن يمنعك مني؟
فقال
الرجل: كن خير آخذ. فعفا رسول الله صلّ الله عليه وسلم عنه (متفق عليه).
وفي سياقٍ متصل ، وضعت امرأة يهودية سمًا في لحم مشوي ، وقدمت اللحم
لرسول الله صلّ الله عليه وسلم هديةً ، وكان رسولنا الكريم لا يرد الهدية ،
فقبلها، لكن الله أوحى إليه بحقيقة ما فعلته المرأة اليهودية. فأمر رسول الله صلّ
الله عليه وسلم بإحضار المرأة اليهودية، وعندما حضرت ، سألها: لم فعلت ذلك؟ قالت :
أردت قتلك. فأراد الصحابة أن يقتلوها إذ قالوا: أفلا نقتلها يا رسول الله؟
قال
رسول الله صلّ الله عليه وسلم: لا ، فعفا عنها
ويُمكن القول أن العفو يُكسبُ المرء عزةً
واحترامًا بين الناس، وقد يعود المسيء خاضعًا للاعتذار ، وفي ذلك قال تعالى في
سورة فصلت آية رقم (34) ﴿ ... ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ
فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ ﴾ صدق الله
العظيم .
وقال رسول الله صلّ الله عليه وسلم: " ما
نقصت صدقة من مال، وما زاد الله عبدًا بعفوٍ إلاّ عزًا، وما تواضع أحدٌ لله إلاً
رفعه الله" (رواه مسلم)
دمتم
بخير..... أختكم أ. د سُميّة الزعبوط





ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق