نبذة
تعريفية عن الجودة وجودة الخدمة
د.
سُمية عيد الزعبوط
لقد
تزايد الاهتمام بالجودة إلى الحد الذي جعل المفكرين يطلقون على هذا العصر مسمى
"عصر الجودة" ، إذ أصبحت متطلباً مهماً للأعمال والمهام كافة ، كما أنها
تمثل أحد العلوم المهمة التي تتعلق بنموذج الإدارة الجديد، من هنا ينظر عالم اليوم
إلى الجودة والإصلاح باعتبارهما وجهين لعملة واحدة.
وجاءت استمرارية الاهتمام بالجودة
والإصلاح معاً ؛ لتُشير إلى جودة الخدمات جنباً إلى جنب مع الاهتمام بجودة السلع
في كثير من بلدان العالم لاسيما المتقدمة
منها، وتبلور هذا الاهتمام بإطلاق عدد من
الجوائز التي تُسهم في تقييم تميز الأداء في مجالات متعددة ؛ بوصفها
الوسيلة التي تدفع الأجهزة الإدارية للعمل بحيوية ونشاط، حيث تجعل المديرين يتابعون واجبات ومسؤوليات مرؤوسيهم بشكل مستمر، وتدفع المرؤوسين للعمل بفعالية.
وعند النظر إلى المجالات التي تستخدم فيها نتائج التقييم، وأهمها: تحسين أداء الموظف
وتطويره،
واعتماد هذا التقويم وسيلة لتحديد المكافآت والعلاوات الدورية، وأداة للكشف عن الاحتياجات التدريبية، ووسيلة للحكم على مدى جودة الخدمة، عندئذ تتبلور فكرة الفكر
الإداري في العلوم كافة سواء أكانت العلوم الصناعية أم التربوية أم العسكرية ، وما
إلى ذلك (2).
من هنا فإن جودة الخدمة ترتبط بكفاءة
أداء الأفراد العاملين ، حيث أن معطيات الرضا والأداء الوظيفي تتمثل في الشعور بالسعادة، فالفـرد الراضي عن وظيفته أو مهنته يُقبل عليها في نشاط ويكون سعيداً بها، ما يزيد من كفاءة
أدائه، وينعكس ذلك
بارتفاع مستوى جودة الخدمة المقدمة، (5).
ومن منطلق الاهتمام بالجودة منذ بدايات
ظهورها وبلورة نظرياتها، إذ وجد الاهتمام بها لدى اليابانيين بعد خروجهم من الحرب
العالمية الثانية ، حيث انخفضت جودة
منتجاتهم ، ليبدأ اليابانيون بعد ذلك بالاستماع إلى محاضرات عدد من العلماء
الأمريكيين وفي مقدمتهم إدوارد ديمنج، وجوزيف جوران وغيرهم ، الذين فشلوا في إقناع
الشركات والمؤسسات الأمريكية بأفكارهم عن الجودة ، وعندما اقتنع اليابانيون بهذه
الأفكار وطبقوها، أصبحت اليابان حديث العالم حول مدى تطورها وتقدمها وجودة
منتجاتها، ولهذا بدأ كثير من الباحثين والمنظرين بالبحث والتنقيب عن سر التفوق
الياباني في الإنتاج والصناعة، إذ أصبحت اليابان تنافس الدول المتقدمة مثل
الولايات المتحدة الأمريكية ، ليظهر بعد ذلك للعالم أن الجواب يكمن في تطبيقهم لأبعاد
الجودة (6).
من هنا يُمكن الإشارة إلى مراحل تطور جودة الخدمة على النحو الآتي(8):
§ المرحلة الأولى من عام 1950م إلى بداية 1960م: من رواد تلك
المرحلة المفكر الأمريكي فيجنبوم، إذ أكد رواد تلك المرحلة على أن الجودة مسؤولية يلتزم
بها الأفراد العاملين.
§
المرحلة الثانية من عام 1960م إلى بداية
1980م: من رواد تلك المرحلة إدوارد ديمنج
وفيليب كروسبي، إذ أكد رواد تلك المرحلة على تحسين وتطوير نظريات ومبادئ الجودة.
§ المرحلة الثالثة من عام 1980م إلى الآن : من رواد هذه
المرحلة المفكر جوران ، إذ أكد رواد هذه المرحلة على أسلوب حلقات الجودة وفرق
الجودة، لتصبح الجودة وظيفة أساسية للإدارة، بحيث يتم التأكيد على إدارة الجودة.
وبالإشارة إلى مفهوم الجودة، فقد أشار المنظور الإسلامي إلى الجودة على أنها : تمثل "الإتقان
، والعمل الذي لا خلل فيه" (1).
إلا أن مستجدات الحياة وظهور مفهوم الجودة
ومبادئها من خلال أفكار روادها من أمثال : ديمنغ، وجوران، وكروسبي، حيث بدأ الناس
يصرون على الجودة المتمثلة في المنتج أو الخدمة، إذ أصبح كل فرد ينظر إلى جودة
المنتج، أو جودة الخدمة من منظوره الخاص، من هنا يظهر الاختلاف في تحديد مفهوم
الجودة ، ومن منطلق أن رواد الجودة أنفسهم لم يتوصلوا إلى تعريفٍ موحد لمفهوم
الجودة ، فإن هناك صعوبة في إيجاد تعريف أو مفهوم موحد للجودة (8) .
وفي ذات السياق تمت الإشارة إلى مفهوم
الجودة وفق تعريف ديمنج (Deming ) على
أنها " تحقيق احتياجات وتوقعات المستفيد حاضراً أو مستقبلاً" ، ووفق
تعريف جوران (Juran ) تعني
الجودة: " ملاءمة المنتج للغرض أو الاستخدام" ، أما وفق تعريف كروسبي (Crosby) تُشير الجودة إلى:
" الإيفاء والالتزام بالمتطلبات" (7).
بناءً
على ما تقدم تُعرف جودة الخدمة بأنها: " قيام المنظمة بتصميم وتسليم الخدمة بشكل صحيح من أول مرة على أن تُؤدى بشكل
أفضل في المرة التالية وتحقق رضا العملاء في نفس الوقت ، وأن تتمتع بمزايا تنافسية
مقارنة بالخدمة التي تقدمها المنظمات المشابهة" (3).
كذلك يمكن تعريف جودة الخدمة على أنها : "قياس
مدى قدرة مستوى الخدمة التي تصل إلى العميل والمتوافقة مع توقعاته ، كما أن توصيل
خدمة جيدة يعني تحقيق التطابق مع التوقعات التي يضعها العميل" (9).
من هنا يُمكن القول بأن الجودة تمثل نظاماً يشمل إتقان
المهام وتحقيق الاحتياجات، ويشمل الوفاء والالتزام والاستمرارية في العمل، ويُمكن
أن يُمثل الشكل الآتي مفهوم الجودة:
مفهوم الجودة
المراجع:
1)
ابن منظور، جمال الدين محمد (2000) .
"لسان العرب" ، بيروت: دار صادر للطباعة والنشر.
2) أبو شيخة ، نادر(2000).
"إدراك الموظفين
لمدى موضوعية نظام تقييم أدائهم وعلاقته ببعض الخصائص الشخصية والوظيفية"،مجلة الإدارة العامة، 45(4).
3)
خوجة ، توفيق(2003)." المدخل في
تحسين الجودة "، عمّان: دار الشروق للنشر والتوزيع.
4)
الدرادكة، مأمون والشبلي، طارق. (2002) "الجودة في المنظمات الحديثة، عمّان: دار الصفاء للنشر والتوزيع.
5) العطية
ماجدة
(2003).
"سلوك المنظمة : سلوك الفرد والجماعة"، عمّان: دار الشروق للنشر والتوزيع.
6)
عليمات، صالح ناصر (2004) ." إدارة
الجودة: التطبيق ومقترحات التطوير" ، عمّان: دار الشروق للنشر والتوزيع.
7) الغنبوصي، سالم بن سليم بن محمد (2005). "إدارة الجودة: نماذج وتجارب عالمية"،
مؤتمر التربية السادس للعلوم التربوية، كلية التربية ، جامعة
اليرموك، بعنوان: تجديدات وتطبيقات مستقبلية، للفترة 22- 24. نوفمبر.
8) غنيم
،أحمد علي (2005). "تطبيق مبادئ إدارة الجودة الشاملة وعلاقتها
بالكفايات المهنية بالمدينة المنورة "، مجلة جامعة أم القرى للعلوم التربوية والاجتماعية
والإنسانية، 17 (2) .
9) المحياوي ، قاسم نايف (2006). " إدارة الجودة في
الخدمات : مفاهيم وتطبيقات وعمليات"، عمّان: دار الشروق للنشر والتوزيع .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق