مفهوم الصراع التنظيمي
د. سُمية عيد
تسعى المنظمات
إلى تحقيق أهدافها في البيئة الاجتماعية التي توجد بها من خلال تنظيم الأدوار
والعلاقات والمهام وتوزيع السلطات والمسؤوليات، ومن خلال أنشطة المنظمات المتعددة تتولد
عمليات تفاعلية ينتج عنها ظهور الصراع التنظيمي.
من هنا تباينت المفاهيم حول الصراع التنظيمي،
حيث عرَّف بعض المهتمين الصراع التنظيمي بأنه أحد الأشكال
الرئيسة للتفاعل ، قد يُسهم في إرباك أو
تعطيل العمل بشكل يؤدي إلى
صعوبة المفاضلة والاختيار بين البدائل ، وحيث أشار معظم الكتاب إلى أن وجود الصراع عند مستوى معين يعتبر حافزاً وأحد مصادر القوة
لرفع الأداء الوظيفي
للأفراد والجماعات ولكن وصول الصراع إلى مستوى عال يترتب عليه آثار سلبية أكثر منها إيجابية([1]).
وبذلك
ذكر الجندي ([2])
أن الصراع التنظيمي هو حاله متطرفة من المنافسة بين الأفراد أو الجماعات أو
المنظمات ، إذ يتضمن صورة من صور العداء وربما الرغبة في الإضرار.
فالصراع
كما يراه حسن ([3]
) هو : نتيجة حتمية للأنشطة غير المنسجمة، فأي نشاط لا ينسجم مع غيرة سيعوق أو
يمنع أو يتدخل أو يعتدي على غيره من الأنشطة.
وترى عباد([4])
أن الصراع التنظيمي هو: عملية الخلاف أو النزاع أو التضارب التي تنشأ كرد فعل
لممارسة ضغط كبير سواء أكان ذلك من جانب فرد معين أم مجموعة أم منظمة على آخرين ؛
بهدف إحداث تغيير إيجابي أو سلبي .
في حين يرى عبد الباقي ([5] ) بأن
المقصود بالصراع هو العلاقة التنافسية الشخصية المباشرة بين الأفراد والمجموعات في
المنظمة الواحدة أو بين المنظمات ذات الرسالة الواحدة.
غير
أن منظور الصراع لدى كثير من المهتمين بقي حتى الآن واحداً من أكثر المداخل
شمولاً، فقد نظر تيرنر ([6]
) إلى الصراع التنظيمي بوصفه عملية تحافظ على حيوية ومرونة تكوين أنماط النظم داخل
التنظيم الاجتماعي، وبذلك ومن خلال وجهة نظر تيرنر فإنالصراع التنظيمي يقضي على
الرتابة والروتين في العمل ، ويُعزز عملية التجديد.
وتأكيداً
على ذلك فقد وأضاف فإن الصراع التنظيمي يمكن أن يكون شيئاً مفيداً للمجتمع
ومؤسساته على المدى البعيد([7]).
أما بالنسبة للفكر الإداري، فقد تباينت الآراء
حول الصراع التنظيمي بين التوجهات التقليدية والتوجهات الحديثة، فمن وجهة النظر
التقليدية عدّ الصراع شيئاً غير مرغوب فيه، وأنه أمر سلبي يعمل على تعطيل أداء
العمل ، ويضر بالمؤسسات ووظائفها، ومرادف للعنف، ولا يستند إلى العقلانية، وينبغي
تجنبه، ونظرت تلك النظريات والمبادئ بسلبية نحو سلوك العاملين، ([8]).
في حين أكدت الأفكار الحديثة في العلوم الإنسانية والإدارية على وجود
الصراع وعدته نتيجة طبيعية للعلاقات بين الجماعات في المؤسسات يتعذر اجتنابه، وليس
بالضرورة أن يكون ضاراً، وأن هناك احتمالية لأن يكون ذا منفعة إذا كان في حده
الأدنى، وعلية فالنظرة الحديثة للصراع التنظيمي تميل إلى تشجيع القيادة الإدارية
بإيجاد الحد المعقول من الصراع في المؤسسات ، والذي يمكن أن يصبح قوة إيجابية
لأداء الأعمال، وعاملاً مساعداً في المحافظة على حيوية العاملين، فالصراع التنظيمي
من وجهة نظرهم هو المسؤولية الأهم للإداريين ([9]).
ولعل
تعريف حريم([10])
للصراع التنظيمي شمل معظم ما قيل حول الصراع التنظيمي، حين عده عملية تفاعلية تظهر
في حالة الاختلاف والتنافر بين الأفراد أو الجماعات أو داخل المنظمات ، أو عند
تعرض أحد الأطراف إلى أهداف الطرف الآخر ومنعه من تحقيق حاجاته وأنشطته والتدخل
فيها، خاصة في ظل رغبة الأفراد أو الجماعات في الاستحواذ على موارد مشابهة لسد
حاجة كل منهما، أو عند وجود حق إداري لأي منهما يتعلق بالتفضيل لسلوك أحدهم على
الآخر في أثناء مشاركتهم في نشاط معين، وعندما تكون اتجاهاتهم وقيمهم ومعتقداتهم
ومهاراتهم متباينة.
[1] أحمد
فؤاد رسلان، "نظرية الصراع الدولى" (القاهرة: الهيئة
المصرية العامة للكتاب ،1998م)، ص387.
[2] عادل الجندي، " الإدارة والتخطيط التعليمي الاستراتيجي
" الشبكة الإلكترونية،متوفر: www.siironline.org/alabwab/edare.../1448.htm، 2009 ، ص11.
[5]
صلاح الدين محمد عبد الباقي،"
السلوك الفعال في
المنظمات "، (الاسكندرية: الدار الجامعية للنشر والتوزيع،
2004م)، ص
196 .
[6]
جوثان تيرنر، " بناء نظرية علم الاجتماع" ترجمة محمد سعيد فرح، ط2، ( الاسكندرية:
دار منشأة المعارف للنشر، 2000م) ، ص 195.
[7]
هاني عبد الرحمن صالح الطويل، " الإدارة التعليمية:
مفاهيم وآفاق" ، (عمان : مكتبة الجامعة للنشر، 1999م)، ص 312.
[8] Rahim, M.
Afzalur." Managing Conflict in Organization". 3rd
ed. Westport Green Wood Publishing Croup, Inc.2001,pp85-86.
[9] Robbins,
Stephen, P. "Organizational Behavior". 9th
ed , Upper Saddle River , New Jersey : Prentice Hall International,
Inc.2001,p55.
[10] حسين حريم، " السلوك
التنظيمي: سلوك الأفراد في المنظمات" (عمان: دار زهران للنشر
والتوزيع، 1997م) ، ص44.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق