تفسير القرأن الكريم , دروس ومواعظ دينية قرآن فلاش المصاحف الشهيرة لتختار منها المصحف الذي اعتدت التلاوة منه تجول فى مدينة القدس الشريف دليل المواقع الاخبارية , العالمية والمحلية راديو و إذاعة الاصول

الخميس، 18 فبراير 2016

لقاء في القمة من سورة الأعراف: جهات الغواية

لقاء في القمة من سورة الأعراف
جهات الغواية
د. سُمية عيد الزعبوط
لقد شرح القرآن الكريم كيفية غواية إبليس لبني آدم، إذ قال تعالى : {قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ{ ([1]).
في هذا السياق فإن إبليس لا يجتهد في إغواء من باع نفسه للمعصية، فالنفس البشرية الأمارة بالسوء لها شيطانها فهي ليست بحاجة إلى إغواء لأنها تأمر صاحبها بالسوء، من هنا فإن إبليس لا يبذل جهداً في أماكن الرقص والخمر وبيوت الدعارة، وإنما يبذل جهده في الإغواء في أماكن الطاعة والعبادة ليصرفهم عن عبادة الله وحدة لا شريك له، فافهم أخي المسلم وأختي المسلمة أن إبليس يريد أهل الطاعة ليزين لهم ويغويهم ويبعدهم عن الصراط المستقيم.
وقال تعالى أيضاً في سورة الأعراف {ثُمَّ لَآَتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ{ ([2]).
 من هنا فإن الجهات التي يأتي منها إبليس وفق الآية الكريمة هي : من بين أيديهم أي من أمامهم وهي الجهة الأولى، أما الجهة الثانية فهي من خلفهم بمعنى من ورائهم، والجهة الثالثة عن أيمانهم بمعنى من اليمين، وعن شمائلهم بمعنى من الشمال وهي الجهة الرابعة، بالرغم من أن الجهات الرئيسة هي ست وليست أربعاً ، وهذا يُشير إلى إن الجهتتيْن اللتيْن لا يأتي منهما إبليس (الشيطان) هما فوق وتحت، لقد هرب الشيطان منهما ولم يقل سآتي لهم من فوقهم أو من تحتهم، لأنه يعلم أن الجهة العليا تُمثل الفوقية الإلهية، وأن الجهة السفلى تُمثل قمة العبودية البشرية وهي السجود .
هذا ويُمكن القول إن جهات الغواية الشيطانية هي أربعة وهي تُمثل أبواق الإلحاد في كل عصر، إذ تأتي من الجهات التي يأتي منها الشيطان، إذ يُقال تقدمي وتُشير إلى الجهة الأمامية، ويُقال رجعي وتُشير إلى الجهة الخلفية،  ويُقال يميني وتُشير إلى جهة اليمين، ويقال أيضاً يساري وتُشير إلى جهة اليسار، ويأتي هنا دور المسلم ليقول لهؤلاء نحن لا نُمثل أي جهة من هذه الجهات، لا تقدميين ندعو إلى التحلل والفجور، ولا رجعيين نقول هذا ما وجدنا عليه آباءنا، ولا يساريين ننكر الدين ونناصر الكفر، ولا يمينيين نؤمن بالرأسمالية واستغلال الإنسان، إننا أمة محمدية فوقية تأتي أمورنا من فوق سبع سموات من الله عز وعلا، وما دمنا كذلك فنحن نخضع لله العلي القدير، وما دمنا نخضع لأعلى منا فلا ذلة  تلازمنا أبداً ، بل عزة ورفعة ، مصداقاً لقوله تعالى: {يَقُولُونَ لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ{ ([3]).

تحياتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــي



([1]) آية رقم 16 من سورة الأعراف.
([2]) آية رقم 17 من سورة الأعراف.

([3]) آية رقم 8 من سورة المنافقون.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق