تفسير القرأن الكريم , دروس ومواعظ دينية قرآن فلاش المصاحف الشهيرة لتختار منها المصحف الذي اعتدت التلاوة منه تجول فى مدينة القدس الشريف دليل المواقع الاخبارية , العالمية والمحلية راديو و إذاعة الاصول

الأحد، 14 فبراير 2016

لقاء في القمة مع حديث قدسي

لقاء في القمة مع حديث قدسي
د. سُمية عيد الزعبوط

إن الله سبحانه وتعالى يقول في حديث قدسي: " قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين ولعبدي ما سأل... فإذا قال العبد الحمد لله رب العالمين، قال الله عز وجل: حمدني عبدي... فإذا قال الرحمن الرحيم، قال الله عز وجل: أثنى علي عبدي... فإذا قال: مالك يوم الدين، قال الله عز وجل : مجدني عبدي... . فإذا قال إياك نعبد وإياك نستعين، قال الله عز وجل: هذا بيني وبين عبدي ولعبدي ما سأل... وإذا قال اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين " قال الله عز وجل: هذا لعبدي ولعبدي ما سأل ([1])
وهنا على المسلم أن يتنبه عند قراءة هذا الحديث القدسي إلى الآتي:
§   إن الله تعالى يقول قسمت الصلاة بيني وبين عبدي، ولم يقل قسمت الفاتحة بيني وبين عبدي، الأمر الذي يُؤكد أن الفاتحة هي أساس الصلاة ، فهي فاتحة الكتاب وأم الكتاب ، فالصلاة بدونها غير صالحة، وفي ذلك قال رسول الله صل الله عليه وسلم : " من صلى صلاة لم يقرأ فيها أم القرآن ، فهي خداج ...خداج...خداج ... غير تام"   ([2]).
§   ذكرت ثلاثة أسماء لله تعالى في البسملة وفي فاتحة الكتاب هي: الله. الرحمن. الرحيم . وهذا لا يعني تكراراً ، من باب أن ليس هناك تكرار في القرآن الكريم، فإذا تكرر اللفظ فإن معناه يختلف في كل مرة عن المرة التي تسبقها، فاللفظ في القرآن الكريم يوضع في معناه الصحيح.
ولتوضيح ذلك يُمكن القول ما يلي:
1. إن لفظ الجلالة " الله" في البسملة للاستعانة بقدرات الله ، فحين تبدأ بفعل ما، تقول بسم الله فأنت بذلك تستعين بقدرة الله ، ليكون لفظ الجلالة " الله" عوناً لك على ما تفعل.
2. أما الرحمن الرحيم في البسملة فلها معنى يختلف عن الرحمن الرحيم في فاتحة الكتاب، إن الرحمن الرحيم في البسلة تذكر الإنسان برحمة الله سبحانه وتعالى حتى لا يستحي من معصيته إن كان قد فعل معصية ، إذ ربما يقول الإنسان : كيف أستعين باسم الله الرحمن الرحيم وقد عصيته؟  يا أخي أدخل على الله سبحانه وتعالى من باب الرحمة ( الرحمن الرحيم) فيغفر لك وتستعين به فيجيبك، لذلك أراد الله سبحانه ألاَّ تمنعك المعصية عن أن تدخل إلى عمل باسم الله، فعلّمك الله أن نقول: " بسم الله الرحمن الرحيم" كي تعرف أن الباب مفتوح للاستعانة بالله ، وأن المعصية لا تمنعك من الاستعانة في كل عمل باسم الله . لأنه رحمن رحيم، وبهذا يكون الله عز وعلا قد أزال وحشتك من المعصية في الاستعانة به سبحانه وتعالى.
3. وتأتي أسماء الله : الله. الرحمن . الرحيم في فاتحة الكتاب لتحمد الله النعم التي أخذتها برحمة الله سبحانه وتعالى في ربوبيته (الرحمن الرحيم) إذ إن الربوبية ليس فيها من القسوة بقدر ما فيها من الرحمة (الله. الرحمن. الرحيم) فالله رب المؤمن والكافر فهو الذي استدعاهم جميعاً للحياة الدنيا من هنا فهو يعطيهم جميعاً من النعم برحمته وليس بما يستحقون، فالشمس تشرق على المؤمن والكافر، والمطر ينزل على من يعبد الله وعلى من لا يعبد الله، والهواء يعم الجميع، فالله رب الجميع: الطائع والعاصي والكافر وهذه رحمة الله تتجلى في اسمه الرحمن الرحيم.
 ففي هذا السياق تأتي الرحمن الرحيم في البسملة : للاستعانة باسم الله ( الرحمن الرحيم)على كل فعل يقوم به الإنسان فتزول الوحشة من المعصية، وتأتي الرحمن الرحيم في فاتحة الكتاب  لتقديم الشكر لله على نعم الربوبية ، فالله يمهل العاصي ويفتح أبواب التوبة لكل من يلجأ إليه وقد جعل رحمته تسبق غضبه، وهذه رحمة تستوجب الشكر.
تم اقتباسه عن تفسير الشعراوي بتصرف



([1]) رواه أحمد ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة وابن حيان عن أبي هريرة رضي الله عنه.
 ([2]) رواه مسلم في صحيح مسلم. عن أبي هريرة .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق