تفسير القرأن الكريم , دروس ومواعظ دينية قرآن فلاش المصاحف الشهيرة لتختار منها المصحف الذي اعتدت التلاوة منه تجول فى مدينة القدس الشريف دليل المواقع الاخبارية , العالمية والمحلية راديو و إذاعة الاصول

الخميس، 9 أبريل 2015

التعليم عن بعد

التعليم عن بعد
    د. سُمية عيد

يُعرف التعليم عن بعد أنه: " سياسة تعليمية تقوم فلسفتها على حق الأفراد بالوصول إلى الفرص التعليمية المتاحة، أي أنه تعليم جماهيري لجميع الناس، ويتسم بالمرونة من حيث شروط القبول به، واختيار الدارسين، وطريقة التعليم، وزمنه ومكانه، ومحتواه تبعاً لظروفهم واحتياجاتهم([1]).
ويعرف التعليم عن بعد أيضاً أنه : " شكل من أشكال التعليم العالي، يتيح الفرصة لجميع الأفراد للدراسة فيه أياً كانت اهتماماتهم أوسماتهم، ويتسم هذا النظام بالمرونة الكبيرة بالنسبة لمتطلبات الدراسة،وتساعد تلك المرونة في تغيير الحالة الذهنية للطالب بتغير الموقف ؛ ممّا يُعزز تنمية الإبداع لديه، فالطالب له الحق في أن يدرس في أي وقت يشاء كلما سمحت ظروفه، فقد يسرع أو يبطئ أو يؤجل، وما إلى ذلك من حقوق تسمح له بمواجهة الاحتياجات كافة "([2]).
وينظر قاموس التربية إلى التعليم عن بعد على أنه : " تعليم  يقوم على مرونة كل من المكان والتوقيت والمناهج، وعلى التخطيط المشترك بين الأساتذة والطلاب من أجل رسم الأهداف والأنشطة التعليمية، حيث تُعطي المرونة عدداً من الأفكار لموقف معين تعمل على تنمية الإبداع"([3]).
ويرى علماء التربية أن  التعليم عن بعد Distance Education  : " يُمثل نوعاً من أنواع التعليم الذي لا يعتمد على المواجهة الشخصية وجهاً لوجه بين المعلم والمتعلم، وإنما  يعتمد على أساليب تعليمية أخرى مثل المراسلة والمذياع والتلفاز وأشرطة الفيديو،التي تًُسهم في دعم ذاتية التعليم، وبالتالي تنمية الإبداع ،ومن أمثلة هذا التعليم: معاهد التعليم بالمراسلة في مختلف بلاد العالم، والجامعة المفتوحة في بريطانيا، وبرامج الإذاعة الموجهة للجهات النائية أو المعزولة، أو التعليم للفئات ذات الأوضاع الخاصة في بعض البلاد مثل النساء من ربات البيوت والمنازل، حيث يوجد في البلاد العربية مثل هذا النوع من التعليم ولكن على نطاق محدود([4]).
ويُعد التعليم عن بعد شكلاً من أشكال التجديد التربوي الذي يُسهم في تنمية الإبداع، ويندرج تحته كل الصيغ التعليمية التي لا تعتمد على المواجهة بين المعلم والمتعلم ومنها الآتي([5]):
ـ الدراسة بالمراسلة Correspondence Education .
ـ التعليم المفتوح Open Education .
ـ الدراسات المستقلة    Independent Study
تعتبر الدراسة بالمراسلة نظاماً تقوم فيه الجامعات وغيرها من المؤسسات التعليمية، معتمدةً على الكلمة المطبوعة المرسلة بالبريد إلى الدارسين حيثما يكونون، وبالرغم من أن أسلوب الدراسة قد تطور وانتشر في هذا القرن، إلا أن جذوره التاريخية تضرب في أعماق التاريخ، وقد يكون التعليم عن بعد في صورة جامعة مفتوحة Open University تعتمد على البرامج الإذاعية والتليفزيونية المكملة للكتب والنشرات التي ترسل بالبريد إلى الطلاب، في حين إن الدراسات المستقلة تتم بمنأى عن قيود الزمان والمكان التي تعد ضرورية في نظام تعليمي يجعل من الممكن للمتعلم متابعة الدراسة في ميادين يميل إليها بطريقة مستقلة متحرراً من أية قيود كالوقت أو المكان أو التوجيهات التي قد تُفرض في ظل التدريس التقليدي([6]).
ويشير كثيرٌ من التربويين إلى وجود تداخل كبير بين مفهومي "التعليم عن بعد" و "التعليم المفتوح"؛ لذلك لابد من التأكيد على أن التعليم المفتوح يشير الى انفتاح الفرص أمام المعلم والمتعلم بإزالة الحواجز التي تتمثل في القبول،والمكان، والأسلوب،والأفكار؛ وذلك لإحداث تغيرات أساسية في العلاقة بين المعلم والمتعلم، أما التعليم عن بعد فيتسم بلوائح ونظم محددة في أغلب الجامعات،لا تستجيب بسهولة لاحتياجات المتعلمين،ومن ثم فإن مؤسسات التعليم عن بعد ليست أكثر انفتاحاً لشروط القبول،وأي جانب آخر يتناول سياسة المؤسسة، فالتعليم المفتوح مفهوم متعدد الأوجه،ويحاول تقليل أو إزالة عدد من العوائق التي توقف أو تمنع مجموعة معينة من الطلاب من الإشتراك في نظام التعليم الرسمي،كما يحاول تقديم بيئة دراسية مناسبة تقدم للطلاب أفضل فرصة لاستكمال الخبرات التعليمية بنجاح، ومن ثم يمكن القول إن التعليم المفتوح سياسة تعليمية،أما التعليم عن بعد فهو نظام تعليمي يقابل الحاجات الخاصة، ويُشجع ذوي الحاجات على تنمية الإبداع لديهم([7]).
   ومن المبررات التي اتخذتها الاتجاهات العالمية في ضوء التعليم عن بعد، خاصة بعد ظهور شبكة الإنترنت العالمية لتطوير تعليمها الجامعي ما يلي([8]):  
1- مبررات اجتماعية وثقافية:تتمثل في انتشار التعليم وزيادة القدرة على استيعاب التغيرات الاجتماعية والثقافية والتكنولوجية والحضارية والمعلوماتية، ومحو الأمية التقليدية، لإتاحة الفرصة للجميع على اختلاف مستوياياتهم العلمية في تنمية الإبداع لديهم.
2- مبررات اقتصادية: تتمثل في تقديم الخدمة التعليمية لشرائح المحرومين من التعليم في المجتمع على اعتبارانخفاض كلفة التعليم عن بعد مقارنة بتكلفة التعليم النظامي، وبذلك يتم إتاحة الفرصة للمبدعين في تنمية الإبداع لديهم.
3- مبررات نفسية وصحية :تتمثل في أن التعليم عن بعد يقدم برامجَ تأخذ في حسبانها مراعاة الفروق الفردية بين المتعلمين،ويعمل التعليم عن بعد على إعادة الثقة للمتعلمين بقدرتهم على متابعة التعلم وتنمية الإبداع لديهم وخاصة المرضى والمعاقين وكبار السن.
وتتضح أهمية التعليم عن بعد من خلال ما يتحلى به من مميزات دعت التربويين لاعتماده في مواجهة متغيرات هذا العصر التي تدعم التميز والإبداع حيث يوفر فرصاً متعددة
ومهمة جداً للعملية التعليمية، من أهمها الآتي([9]):
                 ‌أ      تلبية الطلب المتزايد من فئات المجتمع على التعليم .
            ‌ب      الزيادة السكانية وما يرتبط بها من زيادة أعداد المتعلمين والرغبة في تنمية الإبداع وتعدد أشكال دراستهم.
     ‌ج  ضرورة التوافق مع التطور الهائل في تكنولوجيا المعرفة والتقنيات الجديدة، والتغير المستمر، وملاحقة الاكتشافات الجديدة في تكنولوجيا التعليم.
                ‌د      ضرورة متابعة الحراك المهني في المجتمع من تنمية الإبداع لدى العاملين وإعادة تدريبهم .
     ‌ه  تزايد الإنفاق على التعليم التقليدي، ما يتطلب وجود نمط جديد من التعليم تكون تكلفته أقل من التعليم التقليدي،ويُسهم في تنمية الإبداع.
               ‌و      التواصل مع المجتمع بمعنى تفعيل خدمة المجتمع في مجالي التدريب والتعليم .
               ‌ز      الإسهام في محو الأمية وتعليم الكبار والفتيات في العالم العربي.
هذا ويسعى التعليم عن بعد إلى تحقيق الأهداف الآتية([10]):
1- تقديم الخدمات التعليمية لمن فاتهم فرص التعليم: لأن التعليم عن بعد يعيد الأمل لدى الكثيرين ممن يرغبون في التعليم؛ نظراً لما يتمتع به من مرونة وأنظمة تعليمية تسمح لهم في تنمية الإبداع والتعلم إلى جانب قيامهم بالمهن والأعمال التي يمارسونها .
2- تقديم البرامج الثقافية العلمية:  يُقدم التعليم عن بعد لشرائح واسعة من أبناء المجتمع التربية المستمرة أو التعليم مدى الحياة، ممّا يُعزز تنمية الإبداع، وذلك عن طريق وسائل التقنية المختلفة كالتلفاز والإنترنت والإذاعة وما إلى ذلك.
3- تعليم المرأة : من الواضح أن بعض الدول النامية لا تشجع كثيراً تعليم المرأة، فالتعليم عن بعد يزيل معوقات خروجها من البيت، ويصبح هو الأسلوب الأمثل للتقليل من هذه المعوقات ، وتعزيز تنمية الإبداع.
4- الإسهام في محو الأمية وتعليم الكبار: إن العديد من الأميين وكبار السن لا يتمكنون من الالتحاق بالدراسة بالرغم من قدرتهم على الإبداع ورغبتهم في ذلك؛ بسبب المعيقات الجغرافية والاجتماعية والاقتصادية وما إلى ذلك،وجاء التعليم عن بعد ليقدم لهم الحل الأمثل لإزالة هذه الصعوبات .
5- المزيد من التطورات المعرفية والتكنولوجية: شهد القرن الماضي وسيشهد هذا القرن المزيد من التطورات المعرفية والتقدم العلمي والتكنولوجي، وأصبح من الصعوبة ملاحقة هذه التطورات بالأساليب التقليدية في التعليم التي تعتمد على حفظ الحقائق واستظهارها عند الامتحان.
6- مراعاة ظروف الدارسين التعليمية :إن التعليم عن بعد هو تعليم جماهيري؛ نظراً لما يوفره من إمكانات كبيرة لمراعاة ظروف المتعلمين، بالرغم من استعدادهم لأن يكونوا مبدعين.
بناءً على أهداف التعليم عن بعد وأهميته، فإنه يتميز بعدة مميزات تساعد كثير  من الجامعات  على توظيفه بالشكل المناسب وحسب حاجتها لتنمية الإبداع لدى طلابها، كما يمكن التعديل في بعض مكوناته ليتناسب مع طبيعتها ومن أهمها الآتي([11]):
1-  المرونة : يتيح للدارس خيار المشاركة حسب الرغبة.
2- التأثير والفاعلية: أثبتت البحوث التي أجريت على نظام التعلم عن بعد، أنه يوازى أو يفوق في التأثير والفاعلية نظام التعليم التقليدي، عندما تستخدم هذه التقنيات بكفاءة.
3-  قلة التكاليف: إن الكثير من أشكال التعليم عن بعد لا تكلف كثيراً من المال.
4-  تخطي الحواجز:لا يرتبط التعليم عن بعد بمكان وزمان محدد.
ويتميز التعليم عن بعد في الأخذ بعدد من المبادئ وتتمثل بما يلي([12]):
1- مبدأ تفريد التعليم : أي أن العملية التعليمية يجب أن تصمم بطريقة توافق استعدادات الفرد وقدراته وميوله واتجاهاته وسرعته في التعلم، وبذلك يعتمد التعليم عن بعد على مبدأ تفريد التعليم الذي يعد عنصراً من عناصر الإبداع .
2- مبدأ ضبط المتعلم لعملية تعلمه: أي أن المتعلم يُقبل على عملية التعليم عن بعد بدافع ذاتي، وبرغبة حقيقة في التعلم لتنمية الإبداع لديه.
3- مبدأ التعليم المستمر:إن التعليم عن بعد عملية مستمرة مدى الحياة فقد يرغب الإنسان في تنمية نفسه مهنياً أو علمياً أو ثقافياً، ولا بد من إعطائه الفرصة لكي يحقق ذلك، في أي وقت وأي مكان، ويُعد التعليم المستمر عنصراً من عناصر الإبداع.
4- مبدأ التعلم الذاتي: أن يتعلم المتعلم بمفرده معتمداً على ذاته في أغلب الأحيان، ليصبح أكثر قدرة على استثمار الطاقات والإمكانات الذاتية استثماراً ابتكارياً وإبداعياً خلاقاً.
5- مبدأ ديمقراطية التعليم: بمعنى أن التعليم عن بعد حق لكل فرد من أفراد المجتمع بغض النظر عن لونه وجنسه وعرقه ودينه وظروفه وعمره، وبذلك يرتبط بحاجات حقيقية للمتعلم ، سواء أكانت حاجات جسمية، أم عقلية، أم اجتماعية، أم نفسية، أم روحية، وعليه فالتعليم عن بعد يدعم تنمية الإبداع.




([1]) صالح بن مبارك الدباسي،"العولمة والتربية"، الرياض : مطبعة السفير للنشر والتوزيع، 2002م، ص43.
([2]) فتح الباب عبد الحليم سيد،" توظيف تكنولوجيا التعليم "، ط2، القاهرة: الجمعية المصرية لتكنولوجيا التعليم، 1997، ص109.
([3]) The United states Distance learning Association, U.S.D.L.A publication , On line, The information was taken in 20/7/2011, at 8pm, Available at:   www.waldenuniversity.com/Distance_Learn, 1997, p11.
 ([4]) Torsten Husen, T. Neville Postleth Waite, The International Encyclopedia of Education, Vol: 7, 2th Edition , Per Gamon , Printed in Great Britain , 1994, p4212.
([5]) يعقوب نشوان، " إدارة التعليم عن بعد والتعليم الجامعي المفتوح "، عمّان: دار الفرقان للنشر والتوزيع، 2004م،  ص32.
([6]) عادل علوي، "التعليم الجامعي المفتوح نموذج للتأهيل التربوي عن بعد "، مؤتمر المعلوماتية والقدرة التنافسية للتعليم المفتوح – رؤى عربية تنموية، مركز التعليم المفتوح، جامعة عين شمس: القاهرة في الفترة  26 – 28 إبريل، 2005م، ص85.
([7]) يعقوب نشوان، مرجع سابق،  ص54.
([8]) محمد محمود الحيلة، " تكنولوجيا التعليم بين النظرية والتطبيق"، عمان: دار المسيرة للنشر والتوزيع،2004م، ص418.
([9])عادل علوي، مرجع سابق، ص89.
([10]) محمد عسقول و مجدي عقل، "أثر برنامج وورلدلينكس للتنمية المهنية على اكتساب مهارات تصميم مشاريع التعلم عن بعد، مؤتمر التعليم التقني والمهني في فلسطين،  للفترة من 3-5 يلول، 2008م، ص ص280-281.
 ([11]) يعقوب نشوان، مرجع سابق، ص64.
([12]) سوزان محمد المهدي، " التعليم عن بعد ودوره المأمول في المؤسسات التعليمية" المؤتمر العلمي السنوي السادس عشر، بعنوان: التعليم من بعد في الوطن العربي،الجمعية المصرية للتربية والمقارنة ،كلية التربية ببور سعيد، جامعة قناة السويس ،مصر، تم استرجاع المعلومات عن الشبكة الإلكترونية يتاريخ 20/7/2012م،الساعة 10 ليلاً، متوفر: http://uqura,opac,mandumah,com/cgi-bin/koha/opacdetail,pl?biblionumber=37766 ، 2008م، ص704، نت ص3.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق