تفسير القرأن الكريم , دروس ومواعظ دينية قرآن فلاش المصاحف الشهيرة لتختار منها المصحف الذي اعتدت التلاوة منه تجول فى مدينة القدس الشريف دليل المواقع الاخبارية , العالمية والمحلية راديو و إذاعة الاصول

الخميس، 12 مارس 2015

المعرفة والتغير

المعرفة والتغيّر
د. سُمية عيد

هناك من يتهم المعرفة والعقل العلمي بالنقص ؛ لأنها متغيرة ومحدودة وعاجزة عن تفسير كثير من الظواهر .
في حين إن واقع الحال يُشير إلى إن سمة التغير هي سمة أساسية في المعرفة ، وإذا اعتُبر التغير علامة نقص فهذا خطأ ، لأن اعتبار التغير علامة نقص يُؤكد سمة الكمال والثبات للمعرفة ، ويعني ذلك نهاية المعرفة وموتها، بينما الحقيقة العلمية تُؤكد سمة التغير في المعرفة ، الذي يأخذ شكل التطور والتقدم والتحسين المستمر،  وبالتالي فالمعرفة ليست ثابتة؛ الأمر الذي يدعم قوة المعرفة وإبداع  العقل البشري الذي يفكر ويبحث ويكتشف ويحمل المعرفة وينشرها ويعلمها ليوصلها إلى العقل الإنساني بشكلٍ عام ، ومن ثم يبدأ من جديد من حيث توقف آخرون، ليضيف الجديد الذي توصل إليه للقديم فيتسع نطاق المعرفة باستمرار ، ويقل نطاق الجهل .
من هنا يتسع نطاق المعرفة باتجاهيْن:
أولاً-  الاتجاه العمودي (الرأسي):  يعود العلم في هذا الاتجاه للبحث في المعرفة التي سبق له أن بحث فيها، ولكن من منظور جديد ، ففي العلوم الفيزيائية والكميائية بدأ الباحثون بالمادة على مستوى إدراك الحواس، ومع التقدم العلمي ازدادت الأبحاث وتوسعت وتعمقت في الجزيئات ومن ثم الذرات ، وبالتالي إلى ما دون الذري ، وما زالت المعرفة تبحث في مستويات تزداد دقة ؛ لتتيح مجال السيطرة على العالم المادي، وهذا ما يحدث في المعرفة التي تتعلق بالعلوم الإنسانية، فالتحليل النفسي عند فرويد يُشير إلى البحث في أبعاد أكثر دقة في النفس البشرية، وبشكل أعمق وأوسع من المعرفة الإنسانية التي سبقته والتي كانت تبحث في السلوك الإنساني وفق مظاهره الخارجية.
ثانياً- الاتجاه الأفقي: ويُمثل هذا الاتجاه عملية التوسع والامتداد إل ميادين جديدة لم تُبحث مسبقاً، فميادين كثيرة كانت تُعد أقدس من أن تتناولها المعرفة ويتناولها البحث العلمي، فمن خلال هذا الاتجاه تم البحث فيها ، فعلى سبيل المثال، علم الاجتماع وعلم النفس اللذيْن ظهرا في القرن التاسع عشر ، وقبل ذلك كانت هذه العلوم بيد الفلاسفة  والتأملات الفلسفية والتي تتصف ببعدها عن البحث العلمي والمعرفة العلمية؛ إذ كان الاعتقاد السائد آنذاك هو: حرمة الإنسان وقداسته الخاصة التي لا يصح أن تكون مسرحاً للبحث العلمي أو الدراسة العلمية.
عن كتاب التفكير العلمي بتصرف

                                                                          للدكتور: فؤاد زكريا

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق