المعرفة والتراكمية
د. سُمية عيد
إن
التراكمية وصف يُظهر أسلوب تطور العلم ، فالبناء المعرفي للعلوم باستثناء المعرفة الفلسفية والفنية يستقر في الطابق العلوي دوماً وتبقى الطوابق
السفلية أساساً يرتكز علية البناء المعرفي، فالمعرفة الجديدة تبدأ من حيث انتهت
المعرفة القديمة، وبذلك فهي مكملة لما سبقها من المعرفة، الأمر الذي يدعم ارتفاع
البناء المعرفي للأعلى .
بناءً
على ذلك فإن المعرفة العلمية تُشير إلى إن كل نظرية علمية جديدة تحل محل النظرية
القديمة ، ما يُؤكد إن الوضع الذي يقبله العلماء في أي عصر هو الوضع الذي يُمثل
حالة العلم في ذلك العصر ، وتصبح النظرية السابقة بعد ظهور النظرية الحديثة مجرد
شيء تاريخي تهُم المؤرخين ولا تهُم العلماء، فمن هنا فإن المعرفة العلمية في حالة
تنقل وتجدد مستمريْن ودائماً تستقر في
أعلى الطوابق في مبنى لا يكف عن الارتفاع والحركة والبناء.
وبالنسبة
للوجه الآخر من المعرفة والتي تتمثل بالمعرفة الفلسفية والفنية وما شابه ذلك،
فهي
ليست معرفة تراكمية، فالمعرفة الفلسفية الجديدة تتخذ لنفسها بداية جديدة دون
الاعتماد على ما سبقها من معرفة، الأمر الذي يُشير إلى إن البناء الفلسفي لا يرتفع
للأعلى وإنما يمتد أفقياً، فافتقار المعرفة للصفة التراكمية يجعل علماء الفلسفة لا
يترددون في فتح أبواب التيارات القديمة من الفلسفة والإفادة منها، إذ إنها لا تقل
أهمية عن أهمية التيارات الحديثة، فتظل دوماً موضوعاً لدراستهم.
وكذلك
المعرفة الفنية، فهي تنمو أفقياً ، ما يُشير إلى إن الأنسان لا يزال يتذوق الفن
القديم ويُشير ذلك إلى إن ظهور الفن الجديد لا يعني
التخلي عن الأعمال الفنية القديمة، فظهور المعرفة الفنية يرتبط ارتباطاً وثيقاً
بالأوضاع الاجتماعية والثقافية والروحية والمادية والإنسانية في الاتجاهات كافة .
عن كتاب التفكير
العلمي بتصرف
للدكتور: فؤاد زكريا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق