تفسير القرأن الكريم , دروس ومواعظ دينية قرآن فلاش المصاحف الشهيرة لتختار منها المصحف الذي اعتدت التلاوة منه تجول فى مدينة القدس الشريف دليل المواقع الاخبارية , العالمية والمحلية راديو و إذاعة الاصول

الثلاثاء، 30 ديسمبر 2014

إدارة الوقت 1

إدارة الوقت: النشأة والمفهوم
د. سُمية عيد

تطور نشأة إدارة الوقت
يعتبر الوقت أحد عناصر الإنتاج الرئيسة، من حيث إنه مورد لا يتجدد  ولا يُختزن ولا يُستأجر ولا يمكن الاستغناء عنه؛ الأمر الذي يُؤكد إن المفهوم الإداري للوقت لا يقتصر على وقت المدير والعاملين معه فحسب، بل يشمل وقت المعدات والأجهزة والأبنية، وما إلى ذلك ، ما يعكس إن إدارة الوقت هي إحدى المفاهيم الأساسية في المنظمات الحديثة (العقيل، 1999).
  كذلك لم تتبلور القيمة الإدارية للوقت بأسلوب علمي ومنطقي إلا مع أوائل القرن العشرين، عندما فجر تايلور نظريته حول الوقت والحركة، واسترعت أفكاره انتباه المختصين من الإداريين وأصحاب العمل، لما قدمه من أفكار حول إنتاج يوم واحد يمكن أن ينتج بساعة واحدة فقط (هلال، 2003).
 من هنا فإن اهتمامات  وكتابات تايلور تركزت بشكلٍ أساس على رفع كفاءة العمل في المصنع إلى أقصى درجة ممكنة، عن طريق تأطير قوانين الإنتاج، وإيجاد درجة عالية من تقسيم العمل، وتلا ذلك حركة العلاقات الإنسانية، والتي بدأ اهتمامها بالزمن واضحاً من خلال إعطاء العامل فترة للراحة وأخرى للعمل، لأن ذلك يسهم في رفع معنوية العامل، وزيادة إنتاجيته، وبعد ذلك ظهرت النظريات الحديثة، ومنها نظرية اتخاذ القرار التي تستعين بالوقت في حل مشكلات التخطيط والإنتاج (العوائد، 1999).
الأمر الذي يُشير إلى إن التطور الهائل الذي تشهده إدارة المنظمات الحديثة، والتوسع في التطور التكنولوجي، ما كان ليتم لولا إدراك أهمية الوقت في حياة الشعوب والمنظمات، وضرورة السباق مع الزمن في استثمار أجزاء الثانية(حجي، 2000).
من هنا لقد تبلور مفهوم إدارة الوقت في عهد المدرسة الكلاسيكية The Classical School، التي جاءت نتيجة للثورة الصناعية والتطور التكنولوجي، والذي أعقب الثورة الصناعية، التي شهدتها الدول الصناعية- في نهاية القرن التاسع عشر- ، مما جعلهم يركزون على طرق دراسة الحركة والزمن؛ لتحليل العمق وتحديد العمل، بالإضافة إلى تحديد أفضل طريقة لأداء العمل بهدف زيادة الإنتاجية بأقل كلفة وأقصر وقت ممكن(فرج، 2003).
وأورد فرح (2008) ما لاحظه فردريك تايلور Fredrick Taylor  من ضياعٍ كبيرٍ للوقت في الإنتاج لسوء استغلال الوقت لدى إحدى الشركات، وأن ما كان ينتج في يوم واحد، يمكن أن ينتج بساعات أقل، وذلك من خلال تطبيق المبادئ العلمية كما يلي:
1)     تطوير علم لكل عنصر من عناصر العمل، ليحل محل الحدس والتخمين.
2)    الاختيار العلمي للعاملين، وتدريبهم، وتطويرهم بدلاً من ترك مسؤولية اختيار العمل للعامل نفسه.
3)     التعاون بين الإدارة والعاملين لتنفيذ الأعمال، وفقاً للمبادئ العملية التي تم تطويرها.
4)     تقسيم العمل والمسؤولية بين الإدارة والعمال بنسب متساوية، بحيث تتولى الإدارة مهمة التخطيط .
وتُؤكد التجربة الأولى لتايلور التي كانت على (75) عامل، إذ تم اختيار أحد العمال بأسلوب علمي وزوده بالتعليمات اللازمة؛ للقيام بالعمل والوقت اللازم للقيام بكل حركة، حيث تبين لتايلور أن العامل الواحد من الطراز الأول يجب أن يرفع بين (47 و48) طناً يومياً بدلاً من (12.5)، وأن يتقاضى قدره (1.85) دولار، بدلا من (1.15) دولار، كان يتقاضاه في الماضي ، وبالتالي فقد زاد ناتج  الإنتاجية، وتم تقليص الوقت اللازم لإنجاز العمل، وذلك من خلال التركيز على دراسة الحركة والزمن، والاختيار العلمي للعاملين، وتدريبهم وتحفيزهم مادياً، من أجل أن يؤدي كل عامل أقصى إنتاجية بوقت أقصر (فرج، 2003).     
وكرد فعل على المدرسة الكلاسيكية، جاءت المدرسة السلوكية School The Behavioral، لتهتم في العنصر الإنساني وسلوكه ومشاعره وعلاقته بالأفراد والآخرين، أثناء ساعات العمل  وخارج ساعات العمل، وأثر سلوك العاملين، وأزمنة الراحة في الإنتاج، حيث ركزت الدراسات في ذلك الحين على ظاهرة تغيب العمال عن العمل ، وعلاقتها بتصرفات الإدارة معه، بالإضافة إلى تأثير العلاقة الاجتماعية بين العمال في إنتاجهم، وأثر بعض العوامل كالضوء، وساعات العمل في الإنتاج، وقد أجرى مايو تجربته على عدد من  الأشخاص لدراسة أثر ساعات العمل وتوزيعها، وفترات الاستراحة أثناء العمل وتوقيتها، للحصول على كفاءة في الإنتاجية (فرح، 2008)    .
حيث أجريت تجربة في مصنع فيلادلفيا للنسيج عام 1923م وعام 1924م، هدفت لتحليل أسباب تسرب العمال من عملهم في أحد أقسام المصنع إذ أن تسرب العمال من عملهم في الأقسام الأخرى، ما بين (5-6%) سنوياً، في حين ارتفع التسرب ، ليصل إلى حوالي (25%)، وعندما أجرى مايو تعديلاً على طراز العمل بحيث عمل فترتي راحة، مدة كل واحدة عشرة دقائق- اثنان في الصباح واثنان في المساء- تحسنت الروح المعنوية للموظفين، ولم يعد هناك تسرب في العمل، وعندما أخضع جميع الموظفين إلى فترات راحة، ارتفع الناتج بعد خمسة شهور إلى (80%)، وهكذا حصل العمال على زيادة في الإنتاج، و الذي تعدى الـ(75%)، إذ أنه لم يكن في الماضي يتعدى الـ (70%) (فرح، 2008).
وبالرغم من أن بعض رواد المدرسة السلوكية، اهتموا بالوقت من خلال الجوانب الاجتماعية والإنسانية، وذلك بدراسة أثر أوقات الراحة، والعطل الأسبوعية، على رفع معنويات العمال وحفزهم على العمل- من أجل زيادة الإنتاجية – ، من خلال تنمية الشعور لدى الفرد،  على اعتبار أنه كائن اجتماعي إنساني قادر على العطاء، إلا أن دراسة الوقت بأسلوب علمي يعود فضلها إلى المدرسة الكلاسيكية، التي اهتمت بدراسة الحركة والزمن؛ من أجل تقليص الوقت اللازم لإنجاز العمل وزيادة الإنتاجية بأقل كلفة (الصرن، 2000)  .
أما في وقتنا الحاضر، فقد زاد الاهتمام بموضوع الوقت وإدارته، نتيجة للتقدم الكبير والتطور التكنولوجي، الذي شهدته المجتمعات الصناعية، وظهرت العديد من المدارس الإدارية الحديثة، التي جاءت بعد فترة من الزمن، من ظهور المدرسة الكلاسيكية والمدرسة السلوكية، حيث اهتم بعضها بموضوع الوقت وإدارته، باستخدام أساليب البحث العلمي المستند إلى التجربة، والكمبيوتر، والاختراعات التكنولوجية المختلفة، في ميادين الإدارة كأدوات القياس والتحليل في أعمال المؤسسة كافة؛ لما لها من قدرة كبيرة على تخزين المعلومات، وتساعد في اتخاذ القرارات المناسبة في الوقت المحدد، وفي سرعة توفير المعلومات في الوقت المناسب، مما يوفر الوقت والجهد والمال (العقيل، 1999)  .
مفهوم إدارة الوقت
 نظراً لأن جميع البشر متساوون من حيث كمية الوقت المتاح لهم ، فالفرد لا يملك أكثر من 24 ساعة في اليوم، إلا أن هناك اختلاف في كيفية إدارة الوقت واستخدامه، فمن هنا ارتبط مفهوم إدارة الوقت بالعمل الإداري ، حيت بدأ الاهتمام به ؛ لمواكبة التطورات الاقتصادية والثقافية والاجتماعية وزيادة تكاليف الإنتاج، ومن هنا أيضاً اختلفت الآراء حول مفهوم الوقت وتعددت تعريفات إدارة الوقت .
حيث تم تعريف  إدارة الوقت على أنه "الاستخدام الجيد والصائب للوقت المحدد والمسموح به لتحقيق غاية ما " (فرح، 2008: 17) .
وعُرّف أيضاً على إنه: "عملية التخطيط والتنظيم والسيطرة على الوقت، لتجنب الهدر في وقت العمل" (وتر، 1998).
في حين يرى السالم(1998: 40) إن إدارة الوقت هي: " عملية استثمار الوقت بشكل فعال لتحقيق الأهداف المحددة، في الفترة الزمنية المعنية لذلك" .
وتُعرف إدارة الوقت وفق ما يرى غرايبة (1995: 51) بأنها: "عملية تنظيم العمل، والسيطرة على مجرياته، وفق محدد زمني، وأنها محاولة جادة لتسيير الحياة وفق قواعد محددة".
وتُعرف على إنها: " ضبط الوقت، وتنظيمه، واستثماره، فيما يعود بالفائدة على الفرد والمجتمع، وهو ما يتطلب توزيع الواجبات اليومية، والتخطيط للأعمال المستقبلية ، كي لا يضيع الوقت المتاح هدراً أو إرهاق الأعصاب في محاولة إنجاز أكبر قدر من الأعمال في أوقات محددة (ملائكة،1991: 318 ).
ويُشير مفهوم إدارة الوقت إلى : " استعمال لغة العمل الرسمي استعمالاً فعالاً لإنجاز المهام والأنشطة المختلفة ذات الصلة بالعمل الرسمي، والتي يجب إنجازها في أثناء ساعات الدوام الرسمي(العوائد، 1999: 29).   
حيث تعد إدارة الوقت جزءاً من الإدارة، فهي جميع تلك الجهود المنسقة التي يقوم بها المدير مع جميع العاملين معه، بغية تحقيق الأهداف المرسومة والمخطط لها (السعود، 2009: 212).  


قائمة المصادر والمراجع

ـ حجي ،أحمد إسماعيل (200)،  الإدارة التعليمية والإدارة المدرسية،  القاهرة: دار الفكر العربي للنشر والتوزيع .
ـ السالم، مؤيد (1998)،   التوتر التنظيمي: مفاهيمه وأسبابه وإستراتيجيته وإداراته، الرياض: معهد الإدارة العامة للنشر والتوزيع.
ـ السعود، راتب سلامة السعود(2009)، الإدارة التربوية : مفاهيم وآفاق ، عمان : المكتبة الوطنية للنشروالتوزيع.
ـ الصرن رعد حسن (2000)،  فن و علم إدارة الوقت ،  دمشق: دار الرضا للنشر والتوزيع.
ـ العقيل،عبد الكريم (1999)، أساسيات إدارة الوقت، الرياض، مكتبة جرير للنشر.
ـ العوائد،  سعيد بن عيسى مسلم (1999)، درجة فعالية إدارة الوقت لدى رؤساء الأقسام الأكاديمية من وجهة نظر أعضاء هيئة التدريس في جامعة السلطان قابوس ، رسالة ماجستير في العلوم الإدارية غير منشورة، جامعة اليرموك: إربد، الأردن.
ـ غرايبة،لطفي عبد القادر (1995)، أهمية الوقت وإدارته من المنظورين الوضعي والإسلامي،  رسالة ماجستير في العلوم الإدارية غير منشورة، جامعة اليرموك: إربد، الأردن.
ـ فرج، أحمد حافظ (2003)،  إدارة المؤسسات الإدارية ، القاهرة: عالم الكتب للنشر والتوزيع.
ـ فرح، ياسر أحمد (2008)، إدارة الوقت ومواجهة ضغوط العمل، عمان: دار الحامد للنشر والتوزيع.
ـ ملائكة،عبد العزيز محمد (1991)،إدارة الوقت في الأعمال بالمملكة العربية السعودية، جدة :إصدارات إدارة البحوث الاقتصادية والمعلومات للنشر.
ـ هلال، وفية أحمد (2003)، مهارات إدارة الوقت ، الطبعة الخامسة،القاهرة: وكالة المطبوعات للنشر والتوزيع.
ـ وتر، محمد (1998)،  دور الزمن في الإدارة ، دمشق: المطبعة العلمية للنشر والتوزيع.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق