أفكار مبعثرة
د. سُمية عيد
استقرت بعض أفكاري بين الأرض والسماء لتشاهد عالماً
عالمياً يتجه نحو السرعة والتسارع في كل شيء : في المعلومة، في بيوت المعلومة
بأبواب ونوافذ مفتوحة على مصراعيها، في المدرسة والجامعة ، في الكتاب والدورية
والبحث العلمي والمقال، في الندوة والملتقى والاجتماع والمؤتمر، في التسوق
والصناعة والتجارة وتبادل الأموال، في التربية والتخطيط والإدارة، وما شابه ذلك،
وكل ذلك يتم التعامل معه والاستفادة منه بين الأرض والسماء في بيوت سُميت
بالافتراضية ، أبوابها ونوافذها مفتوحة للجميع دون استثناء ،
أليس هذا عالمنا الذي نعيش فيه ؟ إن مؤشرات واقعنا تُشير إلى ذلك ، لماذا نهرب ؟
وإلى أين نهرب ؟ وما الفائدة من الهروب ؟ ونحن والعالم بأسره نشكل شبكة متداخلة نستفيد
ونُفيد، نتلقى العلم، ونعلم، ونعطي فرصة للآخرين أن يتعلموا وفق مستجدات العصر
الحديث.
للأسف قلة منا
أو كثرة لا أدري نسبتهم الحقيقية! يتعاملون مع الطالب في المستويات الجامعية على إنه يعيش في القرون الغابرة ،
فعليه أن لا يستقي معلوماته من الشبكة العالمية، فيتوجب عليه أن يتلمس المعلومات من الكتاب الورقي، وكأن هذه
الشبكة العدو اللدود للتعلم.
إن الكتاب الورقي موجود داخل الشبكة الإلكترونية ومتاح
للجميع سواء بثمن أم بدون ثمن ( مجاني) ، وكذلك الدوريات والدراسات والبحوث
العلمية الحديثة ، والمنتديات والمؤتمرات العلمية العالمية، بالإضافة إلى فيديوهات
التدريب في مختلف العلوم وبكل لغات
العالم، ويُمكن الوصول إليها بكل يسر وسهولة ، الأمر الذي يُسهم في تفتح عقلية
طالب العلم ، ويسهم أيضاً في تنمية وصقل مقدرته التعلمية ، فيبقى دورك أيها
الأستاذ الفاضل والأب الحاني موجهاً لطالب العلم وميسراً له ، وليس محجماً ومضيقاً عليه ، في حين ينهل طالب آخر في بلد
آخر من العلم بأحدث الوسائل التكنولوجية وبسرعة كبيرة، وأستاذه معه يوجهه ويرشده
ويوقفه على طرق البحث السليمة، فنراه قائداً أو عالماً أو مخترعاً في بلده ونرى
بلده متقدمة في سائر العلوم، ونحن ما زلنا نصرخ في أذن طالب العلم وكأنه ليس بطالب
علم ، وكأن بلادنا كُتب عليها أن تظل كما هي واقفة في زاوية من العالم ترنو إلى الآخرين ماذا
يفعلون وتستورد ماذا يصنعون وتشتري أفكارهم وتصفق لهم منبهرة بمقدرتهم وتقدمهم العلمي
والتكنولوجي.
نحن لدينا المقدرة لنكون الأفضل، إذا غير المعنيون من
معتقداتهم وأفكارهم التقليدية وسلوكاتهم التي لا تنفع عالم اليوم، إذا توجه
المعنيون إلى الشباب، نظراً لأن معظم بلادنا من الشباب، ومعظم الشباب هم من طلبة
العلم ، فالمسيرة العلمية ينبغي أن تكون معهم ولهم وبهم، وليس عليهم وفوقهم أو من تحتهم.





ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق