ماهية العولمة
د. سُمية عيد الزعبوط
تُعد العولمة
ظاهرة معقدة تشمل أبعاداً اقتصادية وسياسية واجتماعية وثقافية وإعلامية
وتكنولوجيا معلوماتية.
إذ يرى
السياسيون أنها تُمثل انتهاء الحدود الجغرافية بين الدول؛ وتكوّن حكومة عالمية
واحدة يمتد أثرها على المجتمعات في دولهم ، بحيث تدعم الحقوق السياسية للأحزاب
وتدعم حقوق الإنسان وحريته الفكرية حيثما كان مهما اختلفت الدول التي ينتمي إليها
جغرافياً.
ويرى علماء الاقتصاد أنها تمثل حرية الاقتصاد وانتقال
رؤوس الأموال الضخمة، وإقامة الشركات العملاقة، والحرية في انتقال التجارة والسلع
والخدمات بين دول العالم دون قيود، إذ إن الشركات في ظل العولمة لا تنتمي إلى هوية
معينة فهي للعالم بأسره.
ويُؤكد علماء
الفكر والثقافة أن العولمة تمثل هيمنة ثقافة واحدة على جميع الثقافات، بحيث تتعرض
الهوية الثقافية الذاتية للجمود والاستلاب لتذوب في ثقافة العولمة التي تلبي
احتياجات الإنسان في الواقع الحياتي.
ويعتقد علماء الاجتماع أن العولمة تتمثل في تعزيز
الطبقية الاجتماعية، وتعميقها بين الناس، فتزداد الفروق بين الطبقات الاجتماعية،
ويتنامى الصراع العرقي بين الدول .
ويرى الإعلاميون وعلماء تكنولوجيا المعلومات أن العولمة
تسعى لتوجيه المنظومة الإعلامية إلى العالم عبر الفضائيات المتصلة بقنوات التلفزة وعبر الشبكة الإلكترونية ( الإنترنت) وشبكات
التواصل الاجتماعي المتنوعة، والتي يتم من خلالها تبادل المعلومات.
ويُمكن القول في ذات السياق أن العولمة لم تستقر بعد في
مفهوم واحد، فهي ظاهرة متداخلة الأبعاد، معقدة الرؤى، لهذا اختلفت الآراء
والتوجهات نحوها ، فهناك آراء تُشير إلى تهديد الهوية الثقافية ، وآراء أخرى تُؤكد
طبيعة الانسجام مع العولمة، وآراء أخرى أظهرت العقلانية تجاه العولمة عن طريق
الاستفادة من منطلقاتها واهتماماتها قدر
الإمكان .
ويبدو أن العولمة تفرض ذاتها على المؤسسات التربوية
بصورة غير مسبوقة كما يُشير الأستاذ الدكتور " محمد محمود الخوالدة " في
كتابه دراسات في الفكر التربوي المعاصر ([1])، بحيث تضعف من دورها التقليدي في تحقيق أهدافها المبتغاة، فمن هنا ينبغي على المؤسسات
التربوية أن تتكيف مع متطلبات العولمة من خلال القيام بالإجراءات الآتية:
1.
النظر
في بنية المعرفة بحيث ترتبط بالواقع الاجتماعي المعاصر ومساراته التنموية.
2. معالجة المعلومات بما يتفق مع النمو
المعرفي للإنسان وتطوير مقدرته على التفكير المنهجي والتفكير الناقد بصورة مستمرة.
3.
اختيار
أساليب التعليم التي تقوم على الاستقصاء وحل المشكلات والتعلم الذاتي.
4.
اختيار
المضامين المعرفية التربوية التي تتفق مع متطلبات تكنولوجيا المعلومات.
5. إدخال التكنولوجيا في بناء وتصميم
المناهج التعليمية واستثمارها في مراحل التعلم المختلفة ؛ لتصبح جزءاً من سلوك
المتعلم وخصائصه الشخصية.
6. العمل على تضمين المناهج التربوية
منظومة القيم الديمقراطية وحقوق الإنسان ومبادئ التعايش مع الثقافات الأخرى،
واحترام الرأي الآخر وقبول الاختلاف في الرأي .
7.
تشجيع
الحوار في إطار ثقافي يندمج فيه المحلي مع الإقليمي والعالمي بشكلٍ عقلاني.





ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق