بلاغة العربية
في الشعر ...4
د. سُمية عيد
من أبرز معالم الجمال في لغتنا العربية ما يُسميه البلاغيون
بالتّفويف ، بمعنى التقسيم أو التقطيع ، حيث يظهر التقطيع الموسيقي في
الشعر بإيقاع أسماء مفردة وبسياقٍ واحد بحيث يكون لكل اسم من هذه الأسماء معنىً
منفصلاً ، فيُؤثر في النفس لسرعة تركيز المعنى، وكذلك لسرعة إيصاله وتبلغيه للقلب
والنفس، ويظهر التفويف بهذه الصورة واضحاً في شعر المتنبي:
بم التعلل، لا أهلٌ ولا وطنٌ ولا نديمٌ ولا كأسٌ ولا سكنُ
ويأتي التفويف كذلك في جملة من الصفات لشيءٍ واحد، ويظهر
التفويف بهذه الصورة واضحاً في شعر ابن الفارض:
شربنا على ذكر الحبيب مُدامه
سكرنا بها من قبل أن يُخلق الكَرْمُ
يقولون لي صِفْها، فأنت بوصفها خبيرٌ، أجل عندي بأوصافها عِلْمُ
صفاء ولا ماء، ولطف ولا هوى ونور ولا نار، وروح ولا جسدُ
ومن أصناف الجمال في لغتنا العربية ما يُسميه البلاغيون بالتغاير
، بمعنى أن يتم قلب ما تعود الناس عليه، فإذا كان من عادة الناس أن يمدحوا شيئاً
ما، فيأتي الشاعر ليذمه، والعكس صحيح، فبالتغاير يتم تحسين القبيح وتقبيح الحسن،
ويظهر التغاير بهذه الصورة واضحاً في شعر منصور الفقيه في تزيين الموت:
قد قلت إذا مدحوا الحياة
وأسرفوا في الموت ألفُ فضيلةٍ لا تُعرَفُ
منها أمانُ
لقائــه... بلقائــه وفراقُ كل معاشر ٍلا يَنصفُ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق