الإشراف التربوي..... 2
د. سُمية عيد
يتكون
الإشراف التربوي من المشرف، ويتمثل عادة في إنسان يكون مؤهلاً للقيام بالعمل
الإشرافي، ويتكون من مجال الإشراف: وهو النطاق أو الفراغ البيئي الذي يتم فيه
الإشراف وتمر عبره رسالة الاتصال من المشرف وردود فعلها- التغذية الراجعة- ، وقد
يكون مجال الإشراف الغرفة الدراسية، أو الإدارة المدرسية، أو التسهيلات التعليمية
كالمكتبة وقاعات التربية الفنية والرياضية والمسرح والبيئة المدرسية بكاملها،
ويتكون أيضاً من رسالة الإشراف: وتتمثل في
الغاية التي يرمي الإشراف إلى تحقيقها وتكون عادة ملاحظة التدريس ووصفه وقياسه
وتقويمه وتحسينه، بالإضافة إلى محتوى الإشراف: ويكون هذا بصيغة بيانات تتوفر من
إعمال المراقبة والملاحظة والتي يعمد المشرف إلى معالجتها بالقياس والتقييم للحكم على
قيمة موضوع التربية الذي يشرف عليه كبطاقات التدريس، والنماذج والاستطلاعات،
وأدوات التسجيل المسموعة والمرئية.
وتتمثل
خصائص الإشراف التربوي المعاصر بما يلي:
الخاصية الأولى: عملية تربوية
توجيهية: بحيث يُؤدي خدمة تربوية تستهدف توجيه المعلم
وإرشاده والعمل على تهيئة الظروف الملائمة لنموه ونمو التلاميذ في الاتجاهات
السليمة، كما أن الإشراف التربوي عملية تعليمية- ليست غاية في حد ذاتها- ، إنما تهدف
إلى مساعدة المعلمين لاكتساب الكفاية الذاتية والمهارة الفنية التي تمكنهم من
تقديم أحسن الخدمات التعليمية، وإلى دراسة العوامل التي تسهل عملية التعلم في موقف
معين سواء ما يتصل منها بالتلميذ أم بالمدرسة أم بالبيئة والعمل على تحسينها.
الخاصية الثانية: عملية
تعاونية : من خلالها يؤمن المشرف بالتعاون والأخذ
والعطاء والتشاور وتبادل وجهات النظر فيما يساعد في تحقيق الأهداف التربوية.
الخاصية الثالثة: عملية تحسين
وتطوير: فهي وسيلة لتحسين العملية التعليمية، ومن
خلالها يهتم المشرف بحل مشاكل المعلمين والتلاميذ، وتطوير المناهج، وتحسين الوسائل
السمعية والبصرية، وتنمية خدمة البيئة والمجتمع، وتوفير القيادة التربوية؛ لتنسيق
جهود المعلمين وتسيير نجاحهم في تحقيق رسالتهم.
الخاصية الرابعة: عملية داعمة
ذات رسالة هادفة : على اعتبار إن الإشراف التربوي وسيلة
لتحقيق أهداف التربية عن طريق الاهتمام بتنمية بمقدرة المعلم، وإثارة اهتمامه
بالتقدم المهني، ومساعدته في تفهم أساليب الأداء، وممارسة أوجه النشاط المختلفة،
وتدعيم الجانب الإنساني من العلاقات الاجتماعية فيما بين المعلمين، وتنمية
التلاميذ كمواطنين قادرين على المشاركة في تقدم المجتمع .
بناءً
على ذلك، فإن المعلم المبتدئ مهما كانت صفاته الشخصية واستعداده وتدريبه يظل بحاجة
ماسة إلى التوجيه والمساعدة من أجل التكيف مع الجو المدرسي الجديد وتقبل العمل
بجميع أبعاده ومسئولياته، بالإضافة إلى ضرورة الإشراف التربوي أيضاً للمعلم القديم
الذي لم يتدرب على الاتجاهات المعاصرة والطرق الحديثة في التدريس.
حيث
إن التغيير في الأساليب التربوية وكذلك في المناهج الدراسية يؤكد الحاجة إلى عملية
التوجيه والإشراف؛ لتوضيح فلسفة التغيير ومبرراته أمام الذي ما زال متمسكاً
بالأساليب التقليدية التي اعتادها في التدريس، والأمر لا يتوقف عند هذا الحد ، بل
إن المعلم المتميز يحتاج في بعض الأحيان إلى التوجيه والإرشاد، لا سيما عند تطبيق
أفكار جديدة، ويستطيع المشرف التربوي استغلال كفاءة المعلم المتميز وخبرته في
مساعدة المعلمين الأقل مقدرةً وخبرة، خاصة في ظل المناهج الحديثة، من هنا فإن ارتباط
العملية التربوية ارتباطاً وثيقاً بالمجتمع وثقافته، من شأنه فرض نوع من الرقابة
على مهنة التعليم تتمثل بالإشراف التربوي
.
هذا
واهتم خبراء التربية بأنواع الإشراف التربوي ، حيث تم تصنيفها كما يلي:
1. الإشراف الإبداعي: وهو الإشراف الذي يحرك الطاقات الداخلية الكامنة لدى المشرفين التربويين والمعلمين نحو الابتكار والتجديد، ويتطلب ذلك توفر صفات قيادية لدى المشرفين التربويين والمعلمين كالصبر والمرونة والرغبة بالتعلم والثقة بقدراتهم والرؤية المستقبلية للأمور.
2. الإشراف التصحيحي: وهو الإشراف الذي يتغاضى عن الأخطاء البسيطة التي يقع فيها
المعلم أثناء قيامه بعمله في غرفة الصف وتجاوزها إذا لم يترتب عليها أثار سلبية على عملية التعلم، وتصحيح الأخطاء إذا كان لها تأثير سلبي كبير على عملية التعلم دون الإساءة إلى
فاعلية المعلم وكفاءته .
3. الإشراف الوقائي: وهو يتعلق بمقدرة المشرف التربوي على التنبؤ بالصعوبات التي تواجه المعلم من خلال قوة ملاحظة وخبرة المشرف التربوي، والتي تهدف إلى تلافي هذه
الصعوبات والتقليل من آثارها بدون إحراج المعلم أو إزعاجه، وأن يأخذ بيد المعلم في
مواجهة هذه الصعوبات بنفسه، وذلك بأسلوب حضاري يحقق الأمن النفسي والاجتماعي للمعلم؛ الأمر الذي يُسهم
في قيام علاقة إيجابية بين المعلم والمشرف التربوي، تؤدي إلى
نمو اتجاهات
إيجابية للمعلمم نحو الإشراف التربوي .
4. الإشراف البنائي: يعتمد على استخدام أساليب ذات فعالية ومجدية، وتطوير
الممارسات الجيدة للمعلمين والمشرفين التربويين من خلال التعاون البناء في عمليات تحديد أسلوب التدريس المناسب، وتحسين مقدرة
المعلم المهنية، وإثارة روح المنافسة الشريفة بين المعلمين من أجل زيادة دافعيتهم نحو العمل التربوي.
5. الإشراف الإكلينيكي : وهو الذي يتصدى مباشرةً للمهارات التعليمية؛ بهدف تحسينها وزيادة فعالية المعلم في تنفيذها ، ويبتعد هذا الأسلوب عن التركيز على تقويم المعلم ومحاسبته، إلى جعله طرفًا مشاركًا
وفاعلاً في العملية الإشرافية مع المشرف التربوي، وهذا يتطلب كفاية عاليـة من المشرف التربوي لكسب ثقة وصداقة المعلمين .
6.
الإشراف التشاركي( التعاوني)
: هو أسلوب يعتمد على مشاركة جميع الأطراف المعنية
بعملية الإشراف التربوي من معلمين وتلاميذ ومشرفين تربويين في التخطيط والتنفيذ والتقويم،
ويتطلب هذا النوع من الإشراف وجود المزيد من التعاون بين الأنظمة التعليمية بحيث تكون
منفتحة على بعضها ويوجد بينها اتصال وانفتاح وتعاون مستمر بين المشرف والمعلم، كما يتطلب قدرات من المشرفين على التنسيق بين المعلمين ودعم واحترام أفكارهم ومراعاة شؤونهم وتوفر الثقة والأمان والتقدير كمقياس لتقويمهم؛ ما يؤدي إلى بناء شخصية متوازنة للمعلم والمشرف التربوي.
7. الإشراف
بالأهداف:
يتفق الإشراف بالأهداف مع الإشراف التشاركي والإشراف
العلاجـي في توحيد الجهود، وفتح قنوات اتصال بين المشرف والمعلم ، ويركز على العمل المشترك بين المشرف والمعلم في مجال التخطيط والتحليل والتقويم والمتابعة؛ الأمر الذي يولد الرضا الوظيفي والانتماء ،
وبذلك تتولد اتجاهات إيجابية نحو الإشراف
التربوي نتيجة للمشاركة في التخطيط ووضع وصياغة الأهداف التعليمية المراد تحقيقها.
المراجع:
ـ الحامد ، محمد بن معجب
(2005). التعليم في
المملكة العربية السعودية رؤية الحاضر واستشراف المستقبل ، الرياض : مكتبة
الرشد للنشر .
ـ الحبيب ، فهد إبراهيم
(1996). التوجيه والإشراف
التربوي في دول الخليج العربية الرياض : مكتب التربية العربي للنشر والتوزيع.
ـ السعود ، راتب
سلامة (2002) . الإشراف التربوي :
اتجاهات حديثة ، عمان: مركز طارق
للخدمات الجامعية .
ـ صالح، نجوى فوزي
(2007). "تحسين دور المشرف التربوي في مدارس محافظة غزة في ضوء مفهوم
الجودة"، بحث مقدم إلى المؤتمر التربوي الثالث الجودة في التعليم
الفلسطيني " مدخل للتميز"،
الجامعة الإسلامية: غزو، فلسطين، 30 - 31 أكتوبر.
ـ نشوان، جميل (1997).
" إدارة السلوك التنظيمي في منظومة الإشراف التربوي"، رسالة
ماجستير غير منشورة، الجامعة الإسلامية: غزة، فلسطين.





ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق