تفسير القرأن الكريم , دروس ومواعظ دينية قرآن فلاش المصاحف الشهيرة لتختار منها المصحف الذي اعتدت التلاوة منه تجول فى مدينة القدس الشريف دليل المواقع الاخبارية , العالمية والمحلية راديو و إذاعة الاصول

الخميس، 4 يناير 2018

التعليم الجامعي... وتنمية الإبداع...... د. سُمية عيد الزعبوط

التعليم الجامعي... وتنمية الإبداع
د. سُمية عيد الزعبوط

      يُعرف التقدم اليوم بقدر إنتاج الجامعات للمعارف التي تتسم  بالإبداع والابتكار، فقد بات الاهتمام بتنمية الإبداع في التعليم الجامعي من الأولويات العالمية، إذ يعد التعليم بشكلٍ عام الركيزة الأساسية لتنمية الإبداع، وتُعد الجامعة في أي مجتمع من المجتمعات مركزاً لتوليد الأفكار المبدعة ، ومصنعاً لإنتاج  المعرفة المنظمة ونشرها وتطبيقها، بوصفها الجهة المنوط بها إعداد وتأهيل الأجيال المتعاقبة من المبدعين والباحثين.
وتأكيداً على ذلك، هناك مؤشرات حول تنامي أهمية التعليم الجامعي، بحيث تعكس أهمية أن يكون للجامعات دور مهم في تنمية الإبداع لدى طلابها، يتمثل في  تنامي أعداد الطلبة الجامعيين، وفي التوظيف المتزايد  للموارد البشرية والمالية، والتنوع في برامج متطلبات التعليم، ومواكبة التطور العلمي والتكنولوجي، تمشياً مع التيارات العالمية في هذا الشأن، وتوفر الحاجة الملحة لتكوين أنماط أكاديمية متجددة، كذلك تتمثلُ في النداءات التي تطالب بالإصلاح؛ نظراً لأهمية دور الجامعات في تنمية الإبداع .
وتشمل مجالات تنمية الإبداع معظم جوانب الحياة البشرية، فهناك الإبداع الفني والرياضي والاجتماعي والأخلاقي والصناعي، وما شابه ذلك،  لذا " يُعدُّ المرء مبدعاً إذا ما جاء بنتاجاتٍ جديدة وغير مسبوقة، إلاّ أن القديم غير مستبعد من الإبداع، فالقديم الذي يدخل عليه تجديد يُعد عملاً إبداعياً، فقد يتم اختراع آلة قديمة كانت تفي بغرضٍ ما في زمن ما، ويأتي عالم آخر بعد حين، فيضيف إليها شيئاً جديداً بحيث يُحسّن من أدائها ويُوفر على مستعملها الوقت والجهد والمال، فهذا عمل إبداعي يستحق التقدير.
ويظهر الإبداع أيضاً في إعادة تنظيم مشكلة ما، الأمر الذي يؤدي إلى حلها بطريقة جديدة وغير مألوفة، بحيث  يكشف عن علاقات جديدة، أو يخلق علاقات جديدة، إلاّ أن هذا الجديد قد يجد من يعيقه أو يوقفه؛ إذ هناك من يُقاوم التغيير متمسكاً بالقديم، ورافضاً كلّ جديد ، من هنا فإن تنمية الإبداع تتطلب التحرر من قيود الماضي، وتغيير وجهات النظر القديمة التي تقاوم التغيير، وتحرير العقل من قيود العلاقات القديمة وإفراغه من تلك القيود استعداداً لمعرفة جديدة.
         استناداً على ذلك، فإن  الجامعات التي تهتم بتنمية الإبداع لدى طلبتها ، من خلال استقلالها الذاتي في خدمة  النقاش والحوار الذي يتناول تنمية الإبداع، فإنها تُمثل بذلك مركزاً مهماً في إثراء الثقافة والحفاظ عليها، وفي إثراء المعرفة وتوظيفها في متطلبات الحياة وتسويقها، فقد أصبح ونحن نقتحم الألفية الثالثة في تحقيق التنمية والتطور المعرفي والعلمي والتكنولوجي، أنه ينبغي أن يكون للجامعات الريادة العلمية والقيادة الفكرية واتخاذ دور المبادأة في تنمية الإبداع من خلال دورها في التدريس والبحث العلمي، وخدمة المجتمع.
       ويُلاحظ  أن الاهتمام بتنمية الإبداع في الجامعات الغربية قد انعكس من خلال مرونة النظم التعليمية في مقابلة احتياجات الطلبة المبدعين، الأمر الذي مكّن هؤلاء الطلبة من الالتحاق بالجامعة قبل إنهائهم المرحلة الثانوية، أو في بدايتها، ومن الأمثلة على ذلك عالم الصواريخ الأمريكي نوبرت وينر (Weiner,N)، الذي تخرج من الجامعة وعمره 14 عاماً، وحصل على الدكتوراه من جامعة هارفارد وعمره 18 عاماً، كما أتيح لأحد الطلاب ضمن برنامج التسريع التعليمي الالتحاق بالجامعة وعمره 13 عاماً، وحصل على الدرجة الجامعية الأولى بعد أربعة أعوام، وحصل على درجة الماجستير بعدها بثلاثة أشهر، ثم سجل لدرجة الدكتوراه وعمره 18 عاماً

 من هنا فإن دور الجامعات في تنمية الإبداع يبرزُ حين تستند الجامعات على توجيه علمي متميز، فالجامعات التي تستقطب مجتمع الشباب الذين سيشكلون في المستقبل النخبة المثقفة، والنخبة القيادية، والنخبة المعرفية، والنخبة التربوية المنتجة والمبدعة، من الطبيعي أن يكون لهم الدور الفاعل والمؤثر في حركة التنمية الإبداعية؛ ولكي يتحقق ذلك، تبرز الحاجة الملحة إلى الاهتمام بالمنظومة التعليمية الجامعية ابتداءً من الأستاذ الجامعي، والمنهاج الجامعي، ومروراً بالطالب الجامعي، وانتهاءً بكل ما تحتاجه العملية التعليمية من المكتبات والمختبرات والمراكز البحثية والإعلام.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق