العلاقة بين الثقافة والإبداع
د. سُمية عيد
لا تأتي الأفكار الإبداعية من الفراغ ، وإنما ترتكز
على أعمال وأفكار وإنجازات وثقافات
الآخرين؛ لتنجلي رؤية المبدع ، وتنطلق أفكاره في بيئة ثقافية معينة، من هنا يُمكن
القول: إن الإبداع ليس عملاً فردياً ، وإنما هو مزيج من تأثيرات قادمة من ثقافات
وإنجازات لآخرين؛ الأمر الذي يدعم مقولة : " لا إبداع دون ثقافة ".
وينمو الإبداع ويثمر من خلال ظروف ثقافية تُشجع على
الإبداع والابتكار ، وقد يُكبت الإبداع وتتحول الأفكار الإبداعية إلى قوة هدامة من
خلال ظروف ثقافية لا تُشجع على الإبداع والابتكار؛ الأمر الذي يُؤكد قوة علاقة
الثقافة بالإبداع ، فالثقافة هي بمثابة حاضنة للإبداع، فعندما تتنامى ثقافة
الأفراد والمجتمعات فإنها تُبرزُ مبدعين
ينهلون من حاضتنهم الثقافية ما يدعم تنمية الإبداع.
ويتطلب الإبداع انفتاحاً على مجالات ثقافية وفكرية
مختلفة ؛ الأمر الذي يدعو إلى ظهور الأفكار الإبداعية، إذ أدت التطورات العلمية في
المعرفة إلى الاتجاه نحو التخصص، وبالتالي تتحدد المسؤوليات والأعمال ، ومع هذا
فإن الأفكار الجديدة المبدعة تأتي من خلال الحوار بين مجالات فكرية كثيرة من خلال
تبادل المعرفة ؛ لتبرز أفكار جديدة وتطبيقات مهمة تُسهم في تنمية الإبداع
باستمرار، وتُسهم في إنتاج المزيد من الأفكار؛ الأمر الذي يُشير إلى وجود علاقة
ترابط مستمرة بين الثقافة والإبداع ، فحيث وجدت توجهات ثقافية؛ لمسايرة متطلبات
العصر، وُجد الإبداع بكل قوة منطلقاً مع توجهات التطورات العلمية والتكنولوجية في
المعرفة .
ويحصل الإبداع نتيجة أفكار ونظريات سابقة وفي مجالات
مختلفة، ويتأثر أيضاً بالتطورات العلمية الحديثة ، من هنا فالإبداع عملية تراكمية
، تتراكم من خلال مجتمعات ثقافية مختلفة؛ الأمر الذي يُؤكد وجود علاقة تمازج
مستمرة بينه وبين الثقافات المختلفة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق