أفكار مبعثرة ... 4
علم الحدود في الأخلاق
د. سُمية عيد
لكل شيء حدود ،
فالأخلاق لها حدود وعند تجاوزها تصبح عدواناً.
فالشجاعة خلق بين
حدّين، عند تجاوزها تصبح تهوراً، ومتى نقصت وقلّت تُصبحُ جُبناً، والكرم خلق بين
حدّيْن، عند تجاوزه يُصبح إسرافاً وتبذيراً ومتى نقص وقلّ يُصبحُ بُخلاً وتقتيراً.
من هنا يتبين إن الخلق
يتوسط رذيلتيْن، فالشجاعة تقع بين التهور والجبن، والكرم يقع بين الإسراف والبخل، ويُسمي
الغزالي الأخلاق بالفضائل ، إذ يرى إن
أمهات الفضائل أربعة وهي: الحكمة
والشجاعة والعفة والعدل،
فالحكمة فضيلة العقل،
والشجاعة فضيلة الغضب،
والعفة فضيلة الشهوة،
والعدالة فضيلة العقل والغضب
والشهوة، وفيها
تتم جميع الأمور فهي جامعة للفضائل كافة.
وكل فضيلة
تتوسط رذيلتين ، فالحكمة تتوسط
الخبث والبله، والشجاعة
تتوسط التهور والجبن، والعفة تتوسط
الشره وخمود الشهوة،أما العدل فهو سيد
الأخلاق والفضائل لا يتوسطه رذائل، بل تقابله رذيلة الظلم ،
فالعدل جامع للأخلاق كافة، والظلم الذي
يُقابله جامع للرذائل كافة، وقد قيل : بالعدل قامت السموات والأرض، وتُبنى مصالح
الدنيا والآخرة استناداً على العدل.
إن
الأفعال الطبيعية للإنسان كالنوم والسهر والأكل والشرب والرياضة، وما شابه ذلك ،
إذا قام بها الإنسان ونفّذها بشكل وسط حيث لا إسراف في النوم والسهر والأكل والشرب
وكذلك لا تقتير في ذلك، فإنه بذلك يُمارس الفضائل ، فمن أشرف العلوم وأنفعها للنفس
البشرية هو علم الحدود. إذ قال الشاعر في
ذلك:
شجاعٌ إذا أمكنَتْني فرصةٌ فإن لم تكن لي فرصةٌ فجبانُ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق